الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
* وقد واصل اليهود جحودهم وإنكارهم للحق- كما يفعلون اليوم- فقد روى البخارى قصة إسلام عبد الله بن سلام- رضى الله عنه- وكان حبرًا من كبار علماء اليهود، ولما سمع بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه مسرعًا، وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبى فلما أجابه صلى الله عليه وسلم أعلن إيمانه وتصديقه، ثم قال: يا رسول الله: إن اليهود قوم بهت!! إن علموا بإسلامى قبل أن تسألهم بهتونى عندك! فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فجاءت اليهود، ودخل عبد الله بن سلام البيت، واختبأ فيه، فقال رسول الله: «أى رجل فيكم عبد الله بن سلام؟» فقالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وخيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟» فقالوا: أعاذه الله من ذلك «مرتين أو ثلاثًا»، فخرج إليهم عبد الله، فقال: أشهد أن إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه!! فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق فقالوا: كذبت!!وبمثل هذا المنهج القبيح ينكر اليهود كل عهد ووعد، ويجحدون كل اتفاق وقعوه، أو صلح أبرموه!ومع وجود الأدلة القاطعة والحجج الدامغة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبوته عند اليهود فإنه لم يدخل منهم في الإسلام سوى (29) رجلًا كان لهم شرف الصحبة في زمن النبوة، وقد ذكرت أسماؤهم وتراجمهم في كتب طبقات الصحابة، كـ «الإصابة» و«أُسد الغابة» وغيرها.وبعد الهجرة النبوية عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة مع يهود المدينة، وكانت بنودها- كما ذكرتها كتب السيرة- على النحو الآتى:1- إن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهوللمسلمين دينهم كذلك لغير بنى عوف من اليهود.2- وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.3- وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.4- وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم.5- وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه.6- وإن النصر للمظلوم.7- وإن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.8- وإن يثرب حرام جوفها لأجل هذه الصحيفة.9- وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.10- وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها.11- وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.12- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم.ومع هذا العدل والإنصاف اللذين لا يعرف لهما مثيل في تاريخ الأمم المسلمة، فلم تمضى مدة يسيرة على هذه المعاهدة حتى شرع اليهود في نقضها، وعادوا إلى ما ألفوه من الغدر، وما أشربته قلوبهم من الخيانة ونقض العهود، كما يفعلون معنا اليوم سواء بسواء!فما أن انتصر المسلمون في غزوة بدر الكبرى حتى قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنَّا نحن الناس!! وهل يليق هذا الاستفزاز بقوم وقعوا على معاهدة جاء فيها: وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصر على من دهم يثرب!!ومرت فترة وجيزة، وفى شوال في السنة الثانية من الهجرة ذهبت امرأة مسلمة بحليها إلى سوق بنى قينقاع عند صائغ يهودى، واجتمع حولها نفر من اليهود يريدون منها كشف وجهها، فأبت «وتلك رسالتهم العالمية في إفساد المرأة ونشر الرذيلة» فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها وهى جالسة غافلة!! فلما قامت انكشفت سوءتها وضحك اليهود منه! وصاحت المرأة، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، وحاصر المسلمون يهود بنى قينقاع حتى استسلموا وأجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فخرجوا إلى الشام، كما تذكر كتب السيرة.وسافر كعب بن الأشرف اليهودى إلى مكة بعد بدر ليواسى المشركين المهزومين، ويحرضهم على الثأر، وكان هذا نقضًا جديدًا للمعاهدة، وسأله المشركون: أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ فقال لهم: أنتم أهدى منهم سبيلًا!! وفيه نزل قول الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلًا} [النساء: 51]، وعاد كعب إلى المدينة مظهرًا عداوته للمسلمين حتى إنه كتب قصائد الغزل في بعض النساء المسلمات!! فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه وقُتل.وبعد غزوة أحد وجود اليهود الفرصة سانحة لمزيد من الغدر والخيانة، فقد حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى منازل بنى النضير ليستعين في دفع دية قتيلين قتلهما عمرو ابن أمية خطأ مرجعه من بئر معونة، فأظهر اليهود استعدادهم للمعاونة، وجلس الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جانب جدار، وخلا يهود بعضهم إلى بعض ليختاروا رجلًا منهم يعلو ظهر البيت، ويلقى صخرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليريحهم منه!! فهل رأى البشر عبر تاريخهم الطويل غدرا كهذا الغدر؟ أو خسة كهذه الخسة؟وأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أضمروه فنهض مسرعا، وعاد إلى المدينة، ولحقه أصحابه الذين كانوا معه، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يخرجوا من المدينة، وأمهلهم عشرة أيام، فامتنعوا بإغراء من النافقين ووعد بنصرهم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجلاهم عن المدينة.واستمر اليهود في الدسائس والمؤامرات؛ فبعد جلاء بنى النضير ونفيهم خرج عشرون رجلا من زعماء اليهود، وسادات بنى النضير إلى قريش يحضونهم على غزو المدينة، ووعدوهم بالنصر لهم والمعونة، ثم ذهب هذا الوفد اليهودى إلى غطفان فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشا، فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم جميعا إلى غزو المدينة، وبذلك نجح ساسة اليهود في تعبئة المشركين من مختلف أنحاء الجزيرة العربية، حتى احتشدوا جميعا في غزوة الخندق! «غزوة الأحزاب»، أما يهود بنى قريظة الذين ما زالوا بالمدينة، فقد غدروا ونقضوا المعاهدة في اصعب الاوقات واشدها فبينما يحاصر المشركون المدينة احضر يهود بنى قريظة الصحيفه التي كتبت فيها المعاهدة فمزقها فلما بعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرف حقيقة الامر قال اليهود: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد وبعد انتصار المسلمين عوقب اليهود بتهمة الخيانة العظمى في عصرنا وكان حكم الله فيهم ان يقتل الرجال وتسبى الذرية وتقسم الاموال.وهكذا استراحت المدينة المنورة من شر اليهود.ورجاؤنا في الله وحده ان يريح فلسطين والقدس الشريف من شرهم وما ذلك على بعزيز.
.أمريكا والإرهاب: إن الارهاب قد اصبح ظاهرة عالمية يمارسة أفراد وجماعات وتنظيمات سرية وعلنيه كما تمارسه حكومات.فكما أنه توجد منظمات ارهابية فكذلك توجد حكومات إرهابية، ومن الحقائق الثابتة أن الإرهاب لا ينتمى إلي دين او وطن او جنس او لغة! وهذا ما جعلة ظاهرة عالمية لا تختص بها جماعة معينة ولا دولة بعينها ولخطورة الارهاب على المجتمعات واضرارة الجسيمة على الشعوب والحكومات فقد دعت مصر إلي عقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب من خلال وضع سياسة جماعية وآلية دولية تلتزم بها كل دول العالم في تنسيق وإحكام.وهى دعوة كريمة في مواجهة مشكلة من أشد مشاكل العصر تعقيدًا وهى تدفعنا دفعًا إلي النظر والتدبر في مسألتين:الاولى: صناعة الارهاب!الثانية: ممارسة الارهاب!اما أولاهما فإن الإرهاب- في غالبة- نتيجة حتمية للظلم الذي يحكم العالم وهذا تحليل وليس تبريرا ولقد قال الرئيس مبارك قولًا بليغًا في حديثة الذي أدلى به لجريدة الجمهورية منذ فترة يسيرة وخلاصة قوله: إن الظلم يولد الكبت وان الكبت يؤدى إلي الانفجار.واليك- أيها القارئ الكريم- امثلة محدودة للظلم الذي يسود عالم اليوم:المثال الاول: النظام العالمى القديم يعنى ان العالم بأسرة تتحكم فيه دولتان فقط هما الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الامريكية وتفرضان هيمنة كاملة على حكوماته وشعوبه بمسميات زائفة وشعارات براقة!أما النظام العالمى الجديد- بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فيعنى- ببساطة- أن العالم تتحكم فيه دولة واحدة هي امريكا تقول ما تشاء وتفعل ما تشاء وتحكم بما تشاء على من تشاء بغير مساءلة ولا مناقشة ولا اعتراض!!وهذا السلطان الذي لا حدود له ولاقيود قد تولاة رجل جمع بين الكفر والفسق وقد فضحه الله في الدنيا على رءوس الاشهاد ولعذاب الاخرة أشد وابقى.المثال الثانى: هيئة الامم المتحدة «الاوثان المتحدة»- كما يسميها بعض العلماء- بها الجمعية العامة يشارك فيها كل الدول وقرارها غير الملزم الا في حالات معينة وبها مجلس الامن خمس دول فقط لها حق الاعتراض الفيتو وإبطال أى قرار اذا اعترضت عليه دوله واحدة فقط من الدول الخمس دائمة العضوية والتى ليس من بينها دولة مسلمة! فالدول المسلمة حكومة وشعبا تخضع لسلطان هؤلاء الخمسة الكبار الذين تقودهم بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية! فهل هناك ظلم أشد وأعلى من هذا الظلم؟المثال الثالث: اليهود رأس الظلم والخطيئة، تدافع عنهم أمريكا وتوفر لهم الحماية والرعاية، مع أن اليهود هم الذين زرعوا الإرهاب في العالم، ووضعوا مبادئه وقواعده.ومع ذلك فإن أمريكا تمارس أبشع أنواع الظلم على الشعوب المسلمة، على النحو الذي فعلته الحملات الصليبية، ولا نريد أن نستطرد في ذكر الأمثلة الدالة على انتشار الظلم في عالم اليوم ولكننا ننبه بما ذكرناه على ما تركناه.أما المسألة الثانية: ممارسة الإرهاب:فإن الذي يمارس الإرهاب حقيقة وواقعًا ليس فقط الأفراد، أوالتنظيمات والجماعات، بل أن أمريكا تعد سيدة الإرهاب الأولى في العالم!!.فالحصار والتجويع اللذان تفرضهما أمريكا على شعب العراق المسلم وشعب ليبيا المسلم هذه أعلى صور الإرهاب.والتشريد والقتل ومصادرة الأراضى وإذلال الشعب الفلسطينى المسلم على يد إسرائيل يعد دليلًا قاطعًا على بشاعة الإرهاب الذي يمارسه اليهود، والذى لا يساويه ولا يدانيه أى إرهاب على وجه الأرض.وسكوت أمريكا والغرب على ما يمارسه الصرب من تصفية عرقية وجسدية للمسلمين في البوسنة بالأمس وفى كوسوفا اليوم هو دليل آخر على إقرار الإرهاب.والعجيب الغريب أن كلنتون- صديق النساء- عندما وقع حادث السفارتين الشهير في كينيا وتنزانيا وقف يبكى أمام العالم ويقول: ما ذنب الأبرياء؟! وعندما يُضرب الأبرياء في السودان وأفغانستان؛ وقف يضحك ويقول: لقد ضربنا أوكار الإرهاب!!ونخلص مما ذكرناه إلى أن أمريكا بقيادة اليهود هي التي صنعت الإرهاب بالظلم والبطش والهيمنة على حكومات وشعوب العالم، وهى التي تمارسه في نفس الوقت.
|